رهبة الغسق - د. محمد العرب

في المدينة المدمرة ٫ تسود القسوة كل شيء. العنف أصبح روتيناً قاتماً ٫ 

يحاصر الأرواح الحسورة بين أنقاض الحياة التي كانت. لا شيء هنا سوى 

الألم ٫ يطارد الأنفاس ويغرق النفوس في بحر من اليأس. كل صرخة

ترتفع هي شهادة على موت أخر ٫ وكل زاوية مظلمة تُخفي خلفها جثة

باردة ٫ كانت يوماً أنساناً يحمل حلماً وأملاً. المتعطشون للدم يسيرون

كالظل ن عيونهم فارغة من الرحمة ٫ يحصدون الأرواح كما لو كانت

مجرد أرقام في حساب قاسٍ. الموت هنا لا يعرف الرحمة ، بل يأتي 

ببطء ٫ يمتص الحياة من العيون قبل أن يخطف أخر نبضة من القلب. 

المدينة باتت مقبرة مفترحة ، حيث الجدران المتصدعة تحكي قصصاً عن 

وجع لانهاية له ٫ وحيث الأمل أضحى ذكرى بعيدة تتلاشى مع كل 

قطرة دم تسقط على الأرض الباردة . لا خلاص في هذا الجحيم ٫ فقط دورة 

مستمرة من الرعب والموت ٫ حيث تتحطم الإنسانية على صخور القسوة المجرّدة.

KWD 4.000